كل ما تحتاج معرفته عن تحليل البيانات: خطوات عملية لنجاحك
نعيش في عصر يشهد انفجارًا هائلًا في حجم البيانات التي يتم إنتاجها يوميًا، مما يتطلب تحليلًا دقيقًا لاستخراج المعلومات القيمة منها. يعتمد علم تحليل البيانات الحديث على معالجة تلك البيانات الضخمة، بدءًا من ما تم إنتاجه في الماضي وصولًا إلى اليوم، بهدف تحسين الأداء واتخاذ قرارات مبنية على معلومات موثوقة ودقيقة.
من هنا، أصبح التحليل المستمر للبيانات جزءًا أساسيًا من استراتيجية الشركات الناجحة حول العالم. إذ تسعى تلك الشركات لاستخلاص الأنماط السلوكية للعملاء والمستخدمين، مما يساعد في تحسين المنتجات والخدمات وزيادة المبيعات بشكل مستمر.
في هذا المقال، سنستعرض أهمية هذا المجال وكيفية استخدامه لتحقيق النجاح في الأعمال، مع استعراض أهم الأدوات والأساليب الفعّالة في هذا المجال.
ما هو مجال تحليل البيانات
هو عبارة عن عملية التطبيق المنهجي للأساليب الإحصائية والمنطقية، باستخدام مجموعةً من الأدوات والتقنيات والعمليات المستخدمة؛ التي تهدف إلى وصف البيانات وتوضيحها وتلخيصها وتقييمها، كذلك يعرف بأنه عملية جمع البيانات وجدولتها لاستخراج الأفكار والإحصاءات التي تدعم صنع القرار وتعزيز نمو الأعمال.
الفرق بين علم البيانات وتحليل البيانات
كلاهما يتعاملان مع البيانات الضخمة، لكن لكل منهما طريقته الخاصة، وعادة يعد علم البيانات مظلة يندرج تحتها علم تحليل البيانات، إذ أن إمكانياته هائلة ويغطي مجالًا أوسع في التعامل مع البيانات، ويتضمن الفرق بينهما ما يلي:
علم البيانات Data Science
مجال متعدد التخصصات، ويركز بشكل أساسي على الدراسة العلمية للبيانات، ويمكن استخدامه في جميع المجالات، مثل: البيع بالتجزئة والرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية، ويهدف إلى تحليل كميات هائلة من البيانات الخام غير المنظمة؛ بحثًا عن استراتيجيات لمساعدة الشركات على المضي قدمًا في عملها.
يتضمن علم البيانات العديد من المهام المعقدة، مثل: نمذجة البيانات وبناء الخوارزميات من البداية إلى النهاية، وإدارة الفرق الكبيرة ، وبناء هياكل بيانات جديدة وتنفيذها.
تحليل البيانات Data Analysis
تحليل البيانات هو أحد مجالات علم البيانات، لكنه مجالًا قائمًا بذاته، بينما يجيب علم البيانات على مجموعة واسعة من الأسئلة الإستراتيجية، فإن الـ Data Analysis له دور أضيق في البحث عن إجابات لأسئلة محددة.
يمكنك مشاهدة الفيديو التالي لمعرفة المزيد عن دبلومة تحليل البيانات بتقنيات الذكاء الاصطناعي المقدمة من أكاديمية ابن سينا
أهمية تحليل البيانات
يعد ذا قيمة كبيرة لعمل الشركات، إذ يعود عليها بالفوائد الآتية:
1. تحسين عملية صنع القرار
تستخدم الشركات تحليلات البيانات لاتخاذ قرارات تعتمد على تحليلات البيانات، إذ توفر تلك التحليلات رؤى تساعد الشركات على أن تصبح أكثر كفاءة، من خلال تحسين عملية صنع القرار.
كذلك تتيح تحليلات الأعمال وصنع القرار بالكامل، وتوفير الاستجابة الصحيحة على الفور عند الحاجة.
2. التسويق الفعال
تتمثل إحدى فوائد تحليل البيانات في توفير إحصائيات حول أداء العملاء المستهدفين والحملات التسويقية، تلك المعلومات لا تقدر بثمن؛ لأن من خلالها يمكنك إجراء حملات تسويقية أكثر فعالية في المستقبل؛ مما سيساعدك بالتأكيد على تحقيق مبيعات أفضل.
3. خدمة عملاء أفضل
يمكنك جمع بيانات العملاء من مصادر متعددة، بما في ذلك المتاجر عبر الإنترنت ومتاجر البيع بالتجزئة والوسائط الاجتماعية.
بفضل تحليلات البيانات يمكن تحويل تلك البيانات إلى ملف تعريف شامل للعملاء، للمساعدة على اكتساب نظرة ثاقبة لسلوكهم وتلبية احتياجاتهم؛ وعلى إثره توفر تجربة خدمة عملاء أفضل وأكثر تخصيصًا.
أنواع تحليل البيانات
توجد خمسة أنواع رئيسية لتحليلات البيانات، وهم الأكثر استخدامًا في الشركات في الوقت الراهن، وتشمل ما يلي:
1. التحليل الوصفي Descriptive
التحليل الوصفي هو الذي يجيب على السؤال “ماذا حدث؟”، ويعد أبسط نوع من أنواع التحليلات، ويبنى عليه أنواع أخرى من التحليلات.
على سبيل المثال أنك تدير شركة أدوات رياضية، وفي أثناء مراجعة المبيعات وجدت أن مبيعات ملابس السباحة تتزايد موسميًا كل صيف، ذلك يسمى “التحليلات الوصفية” التي تعرض على هيئة رسم بياني واضح مع توضيح الاتجاهات في البيانات.
2. التحليل التشخيصي Diagnostic
يعالج التحليل التشخيصي السؤال المنطقي التالي، وهو: “لماذا حدث هذا؟”، وبالرجوع إلى المثال السابق، يمكننا أن نرى أن أعمار المشترين يتراوح ما بين 30 إلى 50 عامًا، لكن غالبية ملابس السباحة المباعة مناسبة للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً.
عند تطبيق تحليل بيانات العملاء، يمكننا أن نرى أن الدافع الرئيس لشراء أدوات السباحة أولًا هو حلول أشهر الصيف الحارة، وثانيا أن الآباء يمنحون تلك الأشياء لأطفالهم، وهو ما يفسر ارتفاع المبيعات في تلك الأشهر من السنة.
3. التحليلات التنبؤية Predictive
التحليلات التنبؤية تجيب على السؤال: “ماذا سيحدث في المستقبل؟”، وتستخدم لعمل تنبؤات حول الأحداث المستقبلية، من خلال تحليل البيانات التاريخية، ويمكنك الحصول على تنبؤات حول ما يجب أن تعمل عليه في شركتك المستقبلية.
بتطبيق المثال السابق ذكره حيث ترتفع مبيعات ملابس السباحة في أثناء أشهر الصيف، ومن هنا يمكن التنبؤ بأن الشيء نفسه سيحدث العام المقبل؛ مما يساعد على تطوير استراتيجية مستقبلية بناءً على تحليل معلومات التوقعات المتاحة.
4. التحليل المعرفي Cognitive Analytic
التحليل المعرفي هو الأكثر تقدمًا ولا يزال في مراحله المبكرة، مستوحى من الطريقة التي يعالج بها الدماغ البشري البيانات. أي يمكن معالجة المعلومات بذكاء مشابه للذكاء البشري، واستخلاص النتائج واكتساب الخبرة من التعلم، والتطوير بمرور الوقت.
يستخدم ذلك النوع من التحليل مجموعة من التقنيات الذكية، مثل: الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي ونماذج التعلم العميق لمعالجة المعلومات، واستخلاص النتائج من الأنماط الموجودة، ومن المتوقع أن يصبح تطبيقها واستخدامها أكثر فعالية بمرور الوقت من خلال التعلم والتفاعل المستمر مع البيانات والبشر.
5. التحليلات التوجيهية
يجيب التحليل الاتجاهي على السؤال “ماذا تفعل بعد ذلك؟”؛ وتكمن أهميته عند اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، وبالعودة إلى مثال ملابس السباحة، يمكننا أن نرى أنه أفضل قرار لزيادة النشاط التسويقي من خلال إجراء حملة تسويقية تستهدف الآباء في الشهر السابق لبدء العطلة الصيفية.
وعلى إثره يزداد الإقبال على شراء أدوات السباحة للأطفال في خلال العطلات قبل الذهاب إلى المسبح، وكل هذا سيجلب لشركتك زيادة موسمية في المبيعات لشهر العطلة.
برامج تحليل البيانات
في السابق كان جمع البيانات يدويًا بطريقة شاقة؛ لذا كان تحليلها صعبًا وشاقًا بسبب نقص التقنيات المساعدة. لكن اليوم يمكن لمحللي البيانات استخدام العديد من الأدوات لجعل عملهم سريعًا وسهلًا.
فيما يلي أهم 7 أدوات لتحليل البيانات التي لا يمكن الاستغناء عنها:
1. مايكروسوفت إكسل
لا يزال إكسيل عنصرًا أساسيًا في مجال تحليل البيانات، ويتميز بتسهيل معالجة البيانات وفرزها، كما إنه يتضمن العديد من الميزات.
مثل: الجداول وأدوات إنشاء النماذج المستخدمة لفرز البيانات وتجميعها، لكن تكمن مشكلته في ضعف قدراته في التعامل مع البيانات الضخمة.
للتعرف إلى هذا المجال وأهميته بالنسبة للشركات وسوق العمل؛ يمكنك الالتحاق بكورس تحليل البيانات باستخدام Advanced EXCEL
2. لغة البايثون Python
بايثون هي لغة برمجة متعددة الاستخدامات ومفتوحة المصدر، وأداة ضرورية لتحليل البيانات. تتميز بأنها لغة برمجة بسيطة ولديها ثروة من مكتبات الموارد المناسبة لجمع البيانات وتحليل المهام المختلفة.
بالإضافة إلى إعداد التقارير وتصور البيانات، مثل: NumPy وpandas وBeautiful Soup وScrapy.
3. لغة البرمجة R
على الرغم من أنها أيضا لغة برمجة مفتوحة المصدر مثل البايثون، تستخدم في التحليل الإحصائي واستخراج البيانات، إلا أنها تستخدم على نطاق واسع لإنشاء برامج تحليل البيانات.
تعد برمجة R أكثر تعقيدًا وصعوبة من البايثون، لكنها مصممة خصيصًا للتعامل مع المهام الإحصائية الثقيلة وتمثيل البيانات المتقدمة.
4. إطار عمل أباتشي سبارك Apache Spark
هو إطار برمجي سريع وديناميكي وسهل الاستخدام، يسمح لمحللي البيانات بمعالجة البيانات الضخمة بسرعة، إذ لديه القدرة على توزيع مهام تحليلات ومعالجة البيانات الضخمة وغير المهيكلة عبر العديد من أجهزة الكمبيوتر، إذ يستخدم ذاكرة الوصول العشوائي بدلًا من الذاكرة المحلية.
5. برنامج التحليل الإحصائي SAS
برنامج SAS هو أداة تحليل إحصائي؛ لتحليل المعلومات والبيانات التجارية للمؤسسات التجارية الكبيرة.
كما تستخدم لتوصيف العملاء وإعداد التقارير واستخراج البيانات وتحليلها، وإجراء التحليلات التنبؤية.
6. لغة الاستعلام الهيكلية SQL
تعد لغة SQL من التقنيات الأساسية لتحليل البيانات وإعداد التقارير. وهي لغة عامة وسهلة التعلم ومرنة؛ ما يجعلها خيار جيد لمحللي البيانات لتحليل البيانات والاستعلام عنها والإبلاغ عنها.
7. برنامج KNIME
KNIME منصة مفتوحة المصدر وشائعة لدى الشركات الصغيرة ذات الميزانيات المحدودة. وتملك واجهة رسومية GUI التي تتميز بسهولة الاستخدام لتحليل البيانات والبحث عن البيانات والتعلم الآلي. وقد طورت في عام 2004 لصناعة الأدوية.
تكمن قوتها في تجميع البيانات من العديد من المصادر في نظام واحد؛ لذا تعد من أفضل الخيارات المتاحة لمحللي البيانات لاستخدامها في العديد من المجالات، مثل: تحليل العملاء والتعلم الآلي.
خطوات تحليل البيانات
توجد 5 خطوات أساسية لتحليل البيانات، وهم:
1. بيان المشكلة
تعد الخطوة الأولى في عملية تحليل البيانات. على سبيل المثال إذا كنت تعمل في شركة تجذب عملاء جدد باستمرار، لكن معدل عودتهم للتعامل من جديد منخفض، فقد ترغب في معرفة العوامل التي تؤثر سلبًا في تجربة العميل.
بمجرد تحديد المشكلة، يجب عليك تحديد مصدر البيانات الذي يساعدك على حلها، فمثلًا قد تجد أن عملية البيع للعملاء الجدد مثالية، لكن خدمة ما بعد البيع غير موجودة.
تلك الخطوة تحتاج إلى أدوات لتتبع مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs ومؤشرات الأعمال؛ لإنشاء لوحة تحكم بسيطة للمعلومات لاستخدامها في بداية ونهاية عملية تحليل البيانات.
2. جمع البيانات
بعد تحديد المشكلة يعد جمع البيانات شرطًا أساسيًا لبدء تحليل البيانات، وتنقسم مصادر جمع البيانات إلى الآتي:
بيانات الطرف الأول
هي البيانات التي تجمعها شركتك مباشرة من العملاء، التي يمكن تجميعها من خلال نظام إدارة علاقات العملاء أو بيانات تتبع المعاملات.
يمكن أن تتضمن البيانات التي تجمعت من بيانات الاشتراك والمقابلات أو الاستبيانات، ويمكن أن تساعد تلك البيانات في التنبؤ بالأنماط المستقبلية واكتساب رؤى للمشاهدين.
بيانات الطرف الثاني
تتضمن بيانات الطرف الأول التي جُمعت من شركات أخرى، ويمكن إتاحتها مباشرة من قبل الشركة الثانية أو شراؤها من أطراف أخرى، وتتضمن بيانات من مصادر مماثلة من الطرف الأول،
مثل: نشاط الموقع الإلكتروني واستطلاعات العملاء ووسائل التواصل الاجتماعي.
تتميز بيانات الطرف الثاني بأنها منظمة وموثوقة، مما يجعلها أداة قيمة للوصول إلى جمهور جديد، والتنبؤ بسلوكهم، وفهم احتياجاتهم وتوجهاتهم بشكل أفضل.
بيانات الطرف الثالث
تشمل البيانات التي جمعت من مصادر متعددة من منظمات خارجية. وغالبًا ما تكون غير منظمة وتستخدم من قبل شركات متعددة؛ لإجراء التحليلات وأبحاث التسويق.
مثل: عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف وحسابات الوسائط الاجتماعية وسجلات الشراء وأنشطة تصفح عملاء مواقع الويب.
3. تنظيف البيانات
بعد جمع البيانات تنتقل إلى مرحلة تحدث المهام، مثل: تنظيف البيانات وتنقيتها والتأكد من جودته. وتتضمن إزالة الأخطاء والنسخ المتماثلة والمشكلات الأخرى في أثناء تجميع البيانات من مصادر متعددة.
بالإضافة إلى التخلص من البيانات والملاحظات التي لا تتعلق بالتحليل المقترح، بالإضافة إلى حل مشكلات المظهر وإصلاح الأخطاء المطبعية وسد الفجوات في البيانات المحذوفة.
ويمكنك الاستفادة من الأدوات المصممة لذلك الغرض، مثل: أدوات مفتوحة المصدر OpenRefine وTrifacta Wrangler و Drake، للحفاظ على البيانات النظيفة.
لكن في حالة الرغبة في تنظيف البيانات بدقة عالية؛ يجب الاعتماد على لغات البرمجة، مثل: لغة البايثون ولغة R.
4. تفسير البيانات وتبادل النتائج
يجري محلل البيانات العمليات الحسابية ويستخدم البيانات التي نُظِفت؛ لتحليل الاتجاهات وتحديدها لدمج البيانات للحصول على نتائج أفضل، باستخدام الأدوات المختلفة.
إذ يستعين ببرنامج إكسيل لإنشاء جداول البيانات وإجراء العمليات الحسابية، ويستخدم SQL لإنشاء جداول مؤقتة للحسابات، وتستخدم لغة البرمجة بايثون وR لتفسير البيانات بسهولة.
5. مشاركة النتائج
بمجرد اكتمال تحليل البيانات والرؤية الواضحة؛ فإن الخطوة الأخيرة في عملية تحليل البيانات هي مشاركة النتائج المستخلصة مع الجهات المعنية. ويتضمن ذلك فك تشفير النتائج وتقديمها في تصميم بسيط وسهل الفهم.
كما يجب على محلل البيانات أن يضع في اعتباره أن النتائج التي يقدمها قد تتكون من إطلاق منتج جديد أو إغلاق أحد الأقسام أو إعادة هيكلته، وبناء على ذلك تؤخذ القرارات.
كم راتب محلل البيانات في مصر؟
تختلف رواتب وظيفة محلل البيانات تبعًا للعديد من العوامل، مثل: تكاليف المعيشة ومعدل الطلب على محللي البيانات في السوق المحلي ومستوى الخبرة والتعليم وحجم الشركة والقطاع الذي يعمل فيه المحلل.
ويمكن تقسيم راتب محلل البيانات في مصر إلى الآتي:
- يتراوح متوسط دخل محلل البيانات المبتدئ بين 60,000 و100,000 جنيه مصري سنويًا.
- يصل راتب المحلل ذو الخبرة المتوسطة ما بين 100,000 و150,000 جنيهًا مصري سنويًا.
- يمكن أن يتجاوز متوسط الدخل للمحلل ذو الخبرة العالية 150,000 جنيهًا مصريًا سنويًا. خاصة في حالة العمل لدى شركات دولية أو في قطاعات عالية الطلب.
يجدر بالذكر أن متوسط راتب محلل البيانات في المملكة العربية السعودية قد يصل إلى 15,000 ريال شهريًا.
ختامًا، تنمو المعلومات بسرعة كبيرة في وقتنا الراهن؛ لذا أصبح الاستعانة بتحليل البيانات Data Analysis أمرًا ضروريًا للغاية للشركات.
إذ يعد خطوة استراتيجية للنجاح؛ لدوره الفعال في اتخاذ القرارات ودعمها؛ مما ينعكس إيجابيًا على الأداء العام للشركة.